الخميس، 20 يونيو 2013

دور التفتيش الفنى لخبراء وزارة العدل [[ 4 ]]

دور
 التفتيش الفنى لخبراء وزارة العدل
 [[ 4 ]]

******************

مما ذكرناه سابقا يتبين أهمية الجانب الشكلى [ أو الإجرائى ] عند صدور الأحكام القضائية فيما ينظر أمام جهات القضاء من منازعات الأمر الذى حدى بالمشرع إصدار قانون خاص بالإجراءات الجنائية وكذا قانون خاص بالإجراءات فى المنازعات المدنية والتجارية .

بل إن المحاكم وقبل أن تتصدى للفصل فى موضوع القضايا المطروحة عليها لا بد أولا أن تتصدى للجانب الشكلى سواء بالقبول أو الرفض وإذا لم تقبل الدعوى شكلا لا يجوز للمحكمة أن تفصل فيها موضوعيا مهما كانت الأدلة المقدمة فى الدعوى .

وعلى سبيل المثال فى الدعاوى المدنية هناك العديد من المواعيد المحددة فى القانون بعدد معين من الأيام وعدم مراعاة ذلك يترتب عليها عدم القبول شكلا مثل مواعيد إستئناف القضايا لو تأخر رفع الإستئناف يوما واحدا عن الموعد المنصوص عليه فى القانون يرفض قبول الإستئناف شكلا ويصبح الحكم الإبتدائى نهائيا ويحوز حجية الأمر المقضى .

وبالتالى يتوجب علينا نحن خبراء وزارة العدل أن نقدر اهمية المسائل الإجرائية فيما نقوم به من أعمال خلال مباشرتنا للقضايا التى ننتدب فيها ولا نستهين بها لأنها قد تتسبب فى إبطال تقرير الخبير بالكامل مهما كان تقريره متقنا ومستوفيا للأصول الفنية .

وسأحاول أن أضرب لكم بعض الأمثلة المتعلقة بالإجراءات الشكلية وفتح وقفل المحضر التى يتذمر منها بعض زملائنا من الخبراء ويعتبرونها مسائل عقيمة لا طائل من ورائها مما تكشف لى خلال فترة الـ [ 10 سنوات ] التى قضيتها فى العمل عضوا بالتفتيش الفنى بمصلحة الخبراء :

**  خلال إجرائى التفتيش بمكتب خبراء قنا [ قبل إفتتاح مكتب نجع حمادى ] قمت بالتفتيش على قضية بها تقرير سابق وتبين أن الخبير واضع التقرير السابق قد  حدد موعدا للمعاينة على أن يكون مكان الإلتقاء بطرفى النزاع على محطة سكة حديد نجع حمادى ثم الإنتقال معهم لإجراء المعاينة على الطبيعة فى القرية التى يقع بزمامها أطيان النزاع .

وتوجه السيد الخبير فى الموعد المحدد إلى محطة السكة الحديد ووجد فى إنتظاره طرفا واحدا من أطراف النزاع وتغيب الطرف الثانى ثم توجه سيادته لمقر محكمة نجع حمادى وقام بفتح محضره واثبت حضور الطرف المتواجد معه وعدم حضور الطرف الثانى ثم إنتقل للمعاينة ..... وإنتهى إلى وضع تقريره فى الدعوى ــ وتبين لى من التفتيش على هذا التقرير أنه مستوفى الأصول الفنية فى بحثه لموضوع الدعوى .

وبناء على طلب الطرف الذى لم يحضر فى المعاينة والذى كانت نتيجة التقرير ليست فى صالحه ــ أصدرت المحكمة حكما ببطلان أعمال الخبير وأعادة الدعوى لمكتب الخبراء ليندب خبيرا غيره .

فقد دفع محامى هذا الطرف ببطلان أعمال الخبير لأن الخبير حدد مكان الإلتقاء به على محطة السكة الحديد وزعم هذا الطرف بأنه توجه فى الموعد المحدد لمحطة السكة الحديد فلم يحضر الخبير ونما إلى علمه فى اليوم التالى أن السيد الخبير إتفق مع خصومه على مقابلتهم منفردين و إلتقى بهم فى مكان آخر غير المكان المحدد فى محاضر أعماله وأجرى المعاينة فى غيبتهم ــ ودلل للمحكمة على ثبوت ذلك بما اثبت فى محاضر أعمال الخبير من أنه فتح محضر أعماله فى محكمة نجع حمادى وليس المكان المحدد فى المحضر السابق وهو محطة سكة حديد نجع حمادى حيث كانوا فى إنتظاره .

وبالتالى فإن سهو الخبير عن فتح محضر أعماله بمحطة السكة الحديد حيث المكان المحدد للطرفين تسبب فى صدور حكم بإبطال كل عمله فى الدعوى .

** فى إحدى معاينات أحد الخبراء فى إحدى القضايا قام بإجراء المعاينة وسماع رجال الإدارة المحلية والشهود وأتم المعاينة وأقفل المحضر ووقع جميع الحاضرين على قفل المحضر .
وبالطبع ومثل أى دعوى هناك طرف يكون تقرير الخبير فى صالحه دون الطرف الاخر ـــ وبحث محامى الطرف الذى جاء التقرير فى غير صالحه عن ثغرة فى محاضر أعمال الخبير وإستغل ثغرة فى عمل الخبير إذ تبين أن السيد الخبير عند قفل المحضر لم يثبت ساعة قفل المحضر وقت أن إنتهى من المعاينة ووقع الحاضرين عليها ــــ  فقد كان لديه يومها عدة معاينات فى دعاوى اخرى وبعد وصوله لمحل سكنه قام بإستيفاء ساعة قفل المحاضر بإثبات الساعة فى التوقيت الذى وصل فيه لمحل سكنه وكان ذلك حوالى الساعة الخامسة بعد العصر .

ولسوء حظ الخبير [ وخطئه ] فقد كانت معاينته لتلك الدعوى فى الصباح قبل الظهر ـــ وتوفى أحد الشهود فى حادثة الساعة الثانية ظهرا ـــ وهو ضمن الموقعين على قفل المحضر ـــ وقدم المحامى صورة رسمية للمحكمة من شهادة وفاة هذا الشاهد التى تثبت ذلك ـــ ومن ثم تمكن من إستصدار حكم ببطلان أعمال الخبير لعدم تحرى الخبير للدقة فى إثبات ساعة قفل المحضر .

** خبير آخر قدمت فيه شكوى للسيد وزير العدل وأحيلت للمصلحة ثم للتفتيش الفنى للفحص ـــ وتبين للتفتيش الفنى من فحص أعمال الخبير [ خلافا لموضوع الشكوى ] أن معاينة الخبير كانت تصادف يوم خميس من أيام الإسبوع  وأيضا كان تاريخ هذا اليوم يصادف آخر يوم لقفل إحصائية المكتب الذى يعمل به هذا الخبير وكان مثبتا فى المحضر أنه أقفل الساعة الرابعة والنصف عصرا .

ونظرا لإحتياج الخبير لإنجاز هذه الدعوى ضمن الإحصائية وحتى يتمكن من إدخالها ضمن القضايا المنجزة فى هذا اليوم الأخير من الإحصائية ولو فى فترة العمل المسائية [ شكلا  حيث تم إنجازها فعلا فى الإسبوع التالى ] ـــ  قام سيادته بتغيير ساعة قفل المحضر بجعلها قبل فترة العمل المسائية حتى يدعى أنه وضع تقريرها وتم مراجعته فى نفس اليوم الموافق الخميس آخر أيام قفل الإحصائية .

وكان واضحا بمجرد النظر إحداث التغيير فى ساعة قفل المحضر المثبتة بمحاضر أعماله ــ وبالتالى تم مسائلته تأديبيا عن ما قام به فى بيانات قفل المحضر .

** مثال آخر ولو أنه لا يتعلق بساعة قفل المحضر ــ  إنما يتشابه مع المثال السابق فى الرغبة فى إدخال تقرير ضمن إحصائية المكتب قبل قفلها.

وردت شكوى للتفتيش الفنى بالمصلحة مرسلة من مكتب السيد وزير العدل ـــ يتهم فيها مقدم الشكوى الخبير بأنه كون عقيدته فى النزاع وقام بوضع تقريره فى الدعوى قبل أن يقوم بإجراء المعاينة لموقع النزاع على الطبيعة مما يثبت إنحيازه للطرف الثانى فى الدعوى قبل إتمامه العمل فى الدعوى ـــ ودلل على ذلك بأن تاريخ وضع التقرير سابق بمدة [ 5 أيام ] على تاريخ محضر المعاينة طبقا للثابت بالتقرير وبمحاضر أعمال الخبير .

وعند فحص التفتيش الفنى لموضوع الشكوى تبين أن الخبير قام بالمعاينة فى التاريخ الثابت بمحاضر أعماله ولكن رغبة من الخبير لإكمال عدد القضايا المنجزة منه فى هذا الشهر قام بوضع تاريخ للتقرير يتناسب مع آخر يوم محدد لقفل احصائة المكتب الذى تصادف أنه يسبق تاريخ المعاينة بـ [ 5 أيام ] رغم أن الإنجاز الفعلى وتصدير الدعوى تم فى تاريخ مغاير .


** خبير آخر قمت بالتفتيش عليه وكان خبيرا ممتازا من الناحية الفنية [ وقد أحيل للمعاش منذ عدة سنوات وهو بوظيفة كبير خبراء ] ـــ ولكنى وجدت أن عدد الـ [ 5 قضايا ] التى قمت بفحصها من قضاياه فى جميع محاضر أعماله فيها لم يضع فى أى منها ساعة فتح وقفل هذه المحاضر بل يذكر أن المحضر قد [ فتح أو قفل الســــاعة ] و لايذكر هذه الساعة سواء لفتح المحضر أو قفله .

 وبتوجيهى له هذه الملحوظة ذكر لى [[ أنه لا يفوته هذا الأمر ]] وأنه يقوم بإستيفاء ذكر ساعة وقفل هذه المحاضر جميعها قبل إرساله ملف القضية للمحكمة !!!!!!!!!! .
 فما رأى السادة زملائنا من الخبراء فى ذلك الأمر ؟؟؟ .