الخميس، 20 يونيو 2013

دور التفتيش الفنى لخبراء وزارة العدل [[ 3 ]]

دور
 التفتيش الفنى لخبراء وزارة العدل
[[ 3 ]]

***************

قبل أن نتحدث عن المسائل الإجرائية فى عمل خبير وزارة العدل والتى تكون توجيهات التفتيش الفنى بشأنها مصدر قلق وتذمر من السادة الخبراء الذين توجه لهم هذه الملاحظات بإعتبارها شكليات عقيمة لا تؤثر فى عمل الخبير وتشكل تعنت لا لزوم له من السيد المفتش القائم بعملية التفتيش وإعتبارهم لها مجرد تصيد للأخطاء .

قبل ذلك أود أن أوضح أن إنشاء إدارة للتفتيش الفنى على خبراء وزارة العدل هو إمتداد لنفس النهج الذى يتم على أساسه إجراء التفتيش على أعمال السادة القضاة بمعرفة أعضاء التفتيش القضائى بوزارة العدل والذى يتم بمعرفة نخبة من قدامى القضاة والمستشارين ـــ فإسلوب التفتيش إذ ليس بدعة خاصة بمصلحة الخبراء وإنما هو منهاج متبع فى كل أو معظم المصالح الحكومية التى تضم إدارات للتفتيش على أعمال العاملين بتلك المصالح .

ولكن الإختلاف بين إسلوب عمل التفتيش الفنى بمصلحة الخبراء ونظيره بالتفتيش القضائى على السادة القضاة ــ هو أن التفتيش القضائى على السادة القضاة يتم على القضايا التى تم الفصل فيها قطعيا بحكم منهى للخصومة من السادة القضاة العاملين بكافة المحاكم ـــ  وبالتالى لا يكون هناك إحتكاك مباشر بين أعضاء التفتيش الفنى والسادة القضاة التى تخضع أعمالهم للتفتيش القضائى مثلما يحدث خلال الدورات التفتيشية للسادة المفتشين الفنيين بالمصلحة خلال إجرائهم للتفتيش على السادة الخبراء بالمكاتب .

فإذا أردنا منع الإحتكاكات التى تحدث بين المفتشين والخبراء الذين يتم التفتيش على أعمالهم فيلزم إعادة النظر فى إسلوب التفتيش المتبع حاليا على أعمال الخبراء وتطبيق نفس الإسلوب المتبع فى إجراءات التفتيش القضائى على السادة القضاة العاملين بالمحاكم .

مع ملاحظة أن إتباع هذا الإسلوب المقترح فى التفتيش الفنى على السادة الخبراء سيترتب عليه حرمان هؤلاء الخبراء العاملين بمكاتب الخبراء من الإستفادة من الجانب التوجيهى الهام الذى يقوم به السادة المفتشين خلال أدائهم التفتيش بمكاتب الخبراء والذى أرى أنه [ أى الجانب التوجيهى فى عمل المفتشين ] يعتبر من أهم المصادر المعرفية للسادة الخبراء إذا ما تمكن الخبراء من تغيير وتحسين نظرتهم قبل السادة المفتشين وإعتبارهم مصدر للمعرفة وتمكنوا من إنتزاع الخبرات الفنية المتراكمة لدى السادة المفتشين الذين يتمتع الكثير منهم بخبرات متنوعة وعميقة .


وعودة إلى المسائل الإجرائية فى عمل الخبراء التى ذكرنا أنها تكون أكثر المحاور التى يتذمر الخبراء من توجيهات التفتيش الفنى بشأنها وإعتبارها شكليات عقيمة مثل فتح وقفل المحضر .

فإننا كخبراء فنيين بوزارة العدل خريجى كليات التجارة والزراعة والهندسة عند إلتحاقنا بالعمل بوظائف الخبرة بوزارة العدل يكون تركيز معظمنا فى العمل على الجوانب الفنية التى تخصص كل منا فيها خلال فترة دراسته الجامعية ـــ وليس متوفرا لمعظمنا معرفة بأهمية الجوانب الشكلية والإجرائية فى هذا العمل وهذا هو فى الغالب السبب فى عدم تقديرنا فى بدايات عملنا فى تقدير أهميتها ـــ حيث يظن كثير ممن لا يدركون أهمية هذه الشكليات أنها مجرد روتين حكومى يعطل العمل ويؤخر الإنجاز وأن أساليب العمل الحديثة يستلزم  معها الأمر هجر هذا الروتين تسهيلا لأداء العمل بعيدا عن تعقيدات الروتين !!!! .

وهذه النظرة تتجاهل أو لا تدرك أن عمل خبراء  وزارة العدل رغم أنه عمل فنى إلا أنه يتم فى إطار قانونى واجب الإتباع طبقا لنصوص قانونية ملزمة .

وسأضرب مثل بسيط لتوضيح هذه الجزئية :

إذا كان هناك نزاع مطروح أمام المحكمة أو إحدى جهات التحقيق مثل النيابة العامة أو نيابة الأموال العامة أو إدارة الكسب غير المشروع مثل المنازعات الحالية على تقدير قيمة الأراضى المنهوبة من ثروات مصر ــ وتطلب الأمر تقدير قيمة هذه الأراضى ــ فهل يقبل أن يتم إنتداب أحد سماسرة العقارت والأراضى لتقييمها بما يتوافر له من معلومات عملية وفعلية عن أحوال السوق والتعاملات إستنادا إلى خبرته العملية فى هذا المجال دون أن يقدم إدلة عن سلامة تقديره ؟؟؟؟ ودون أن يتبع الإجراءات القانونية المنظمة ؟.

أم يلزم أن يتم ندب خبراء من وزارة العدل يتبعون الإجراءات القانونية المنصوص عليها فى قانون المرافعات المدنية والتجارية وقانون الإثبات [ فى أبواب الخبرة والمعاينة ] ــ فى مباشرتهم لهذا الأمر وأن يتم تقديرهم لقيمة هذه الأراضى وفقا للأصول الفنية الواجبة الإتباع وإسترشادهم بحالات تعامل مسجلة بين الأهالى  وتوضيحهم الأسس الفنية التى تم بناءا عليها هذا التقدير بحيث تكون محل مناقشة من الخصوم ومحل تقدير من المحكمة .


وما قام به الأستاذ / فريد الديب المحامى فى دفاعه عن الرئيس السابق / حسنى مبارك خلال محاكمته عن فلل شرم الشيخ ــ فى أول جلسات المحاكمة من طلبه التصريح بإستخراج صورة رسمية من محاضر أعمال خبراء وزارة العدل وعدم إكتفائه بالتقرير المقدم منهم فقط ـــ  إنما كان لدرايته ومعرفته أن محاضر أعمال الخبير هى التى توضح سلامة الإجراءات التى إتبعها فى عمله وأنها هى المدخل المناسب له للطعن على هذه المحاضر بالبطلان فيما لو تبين له وجود ثغرة فى المحاضر تمكن له الدفع بذلك توصلا لإبطال التقرير مهما كان متفقا مع الأصول الفنية للعمل دون إتباع الإجراءات المنصوص عليها قانونا .